مقال علماء الأمة والأوبئة .. ثم فيديو شرح الأربعين النبوية في الأحكام السياسية
دور العلماء في الوقت الحاضر
يتساءل الكثير من المتابعين عن العلماء ودورهم في إرشاد الأمة في هذه المرحلة الحرجة من حياة أمتنا الإسلامية. وتزداد هذه الأهمية مع الظروف الشديدة التي تعيشها البشرية عامة والأمة المسلمة خاصة. تلك الظروف التي تحارب فيها الشعائر نفسها ، وتغير هيئتها وتمنع وتعطل تحت غطاء الحماية الصحية أو غيرها من الشبهات التي لا تصمد كحجة شرعية أو حتى عذر عقلي يمكن بسببه تغيير شكل وهيئة شعيرة أو منعها أو إيقافها شرعاً أو عقلاً.
الأوبئة وسلوك الأمة
فقد عاشت الأمة الإسلامية أوبئة أصعب بكثير من هذا الوباء المفتعل ، أصعب من جهة الخطورة على الصحة والحياة البشرية فقد كان يموت في المدينة الواحدة بالآلاف يومياً ، وسجل التاريخ أنه كان الإمام يصلي على مئات الموتي في الصلاة الواحدة ، ومع ذلك لم يتوقف المسلمون عن أداء الصلاة ولم يتباعدوا في صفوفهم ولم يغلقوا مساجدهم بل كانت الأوبئة تعيد الناس إلى الصلاة وإلى المساجد للتضرع لله لرفع البلاء ، حتى صنف فيها كبار العلماء الكتب بالمديح لفضلها في عودة المسلمين لدينهم ولربهم.
كتاب بذل الماعون في فضل الطاعون
ومن هذه الكتب كتاب الحافظ ابن حجر العسقلاني صاحب شرح فتح الباري على صحيح البخاري وقد سمى كتابه “بذل الماعون في فضل الطاعون” ، فتراه يمدح الطاعون لأثره على عودة الناس لربها ودينها ، وليس كما نفعل الآن بهجر المساجد وإغلاقها وتغيير هيئة صلاة الجماعة ومنع العمرة والحج أو تقنينهما بقوانين ظاهرها الكاذب الرحمة وباطنها الحقيقي العذاب. وكان ابن حجر نفسه قد فقد ابنتين له في الموجة الأولى من هذا الطاعون ثم ابنة ثالثة في موجة الطاعون الكبير الذي ضرب مصر في القرن التاسع الهجري (الرابع عشر الميلادي) . وهو نفس الطاعون الذي ضرب أوروبا وعرف بالطاعون الأسود والذي ذهب بما بين ثلث إلى نصف عدد سكان أوروبا كلها.
الطاعون الكبير ومقارنته بكوفيد
وممن عاش هذه المأساة وأرخ لها “المقريزي” في كتابه “السلوك” حيث وصف حال الناس فقال: “ومن كثرة الشُّغل بالمرضى والأموات، تعطّلت الأسواق من البيع والشراء، وتزايد ازدحام الناس في طلب الأكفان والنعوش، فَحُمِلَت الأموات على الألواح وعلى الأقفاص وعلى الأيدي. وعجز الناس عن دفن أمواتهم، فصاروا يبيتون بها في المقابر والحفّارون طول ليلتهم يحفرون. وعملوا حفائر كبيرة بلغ في الحفرة منها عدة أموات. وأكلت الكلاب كثيرًا من أطراف الأموات”. وكذلك أرخ لهذا الحدث العظيم تلميذ المقريزي “ابن تغري بردي”، في كتابه “النّجوم الزاهرة”، ومن وصفه لما حدث من النكبة بالوباء في البشر والحيوانات قوله: “وُجِدَ بنيل مصر والبرك، كثيرٌ من السّمك والتّماسيح قد طفت على وجه الماء ميتة، ومن مات من عندنا من المماليك والعبيد والجواري والخدم فلا يدخل تحت حصر، كل ذلك والطّاعون في زيادةٍ ونموٍّ حتى أيقن كل أحد أنه هالكٌ لا محالة”
أما ابن إياس الحنفي” فقد أورد في كتابه معلِّقًا على كثرة الأموات: “وصار لا تعرف جثة الأمير المقدم ألف من جثة المملوك، وهم أبدان بلا رءوس”
فهل تظنون أننا بلغنا معشار ذلك الوباء الموصوف في كتب هؤلاء المؤرخين رغم الزيادة السكانية الكبيرة في زماننا؟
قلة العلماء الربانيين
فإذا كان الجواب بلا ، فهذا يوضح لنا أن علماء زماننا قد فسد الكثير منهم وجاروا حكام زماننا المعينين حراساً من قبل المحتل الأجنبي ، فأصدروا لهم الفتاوى بتغيير هيئة الصلاة وبإغلاق المساجد ومنع الجمع والتراويح والأعياد ومنع العمرة والحج أو تقنينهما وحصرهما، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولهذا فنحن نجيب من طلب منا من متابعينا ومشاهدينا بتعريفهم بمن بقى من العلماء على الحق والهدى يجاهد بعلمه ولسانه وقلمه ما استطاع رغم التضييق الدولي والمحلي ، وهؤلاء قلة الآن وغير معروفين بصفة عامة.
اعرف الحق تعرف الرجال
ونحن باجتهادنا المتواضع ، نزكي بعضهم وننشر لهم ، مع التأكيد دائماً على أن كل إنسان يؤخذ منه ويرد عليه كما قال الإمام مالك ، فيؤخذ منه الحق ويرد عليه ما يخالف الحق . ولهذا وجب علينا أن نتعلم الحق حتى نعرف التمييز بينه وبين الباطل، وهذا قول الإمام على بن أبي طالب الذي يقول: “لا يُعرف الحق بالرجال ولكن اعرف الحق تعرف الرجال” ، فعلينا معرفة الحق لنعرف التمييز بين الرجال.
وكنا قد نشرنا في السابق محاضرة مهمة للشيخ بسام جرار تحت قسم الحلول من موقعنا هذا.
واليوم ننشر أول محاضرة من سلسلة من المحاضرات التي نزكيها لك ففيها علم كبير ، وهي شرح كتاب “الأربعون النبوية في الأحكام السياسية” للشيخ أ. د. حاكم المطيري .. فشاهدها وحاول سماع باقي المحاضرات في شرح هذا الكتاب الذي يحوي العقيدة الصحيحة والأحكام السياسة على السواء