بقلم دعاء ليث
الفسيلة..
قلنا سابقا أن (( العلم )) بالدين وبالدنيا لكل ما يخص الفتن القادمة واجب
و(( العمل )) للدين وللدنيا لكل ما يخص الفتن القادمة واجب
وقلنا أن الفسيلة في اليد تُزرع ولو كانت الساعة تقرع
ولكن كيف تزرع الفسيلة في وقت كهذا ؟!!
ما هذا المبدأ اصلا ؟ وهل هو مبدأ غير طبيعي ؟!
هل هو تصرف منفصل وقتها عن المحيط كما قد يتبادر للذهن الهائم ؟
الحقيقة أن هذا الوقت بالذات لهو أنسب وقت لزرع الفسيلة
التحرك الحرج وقت تسارع عقارب الساعة..
إنقاذ اللحظة الأخيرة قبل الفناء والاختفاء ..
إجراء الطوارئ العاجل الذي لابد منه قبل نفاد الوقت
وعلى الوجه الآخر…
الفسيلة.. هي لحظات السلام و السكينة وسط الزوابع
ارتسامة الإبتسامة المطمئنة على الوجه وقت النوازل
هدأة القلب لأنه وفى.. وقرة العين لأنها بكل ما تملك جادت
ولكن كيف ؟! إنها فسيلة..نبتة (عمل)..
المفترض أنك تتوقع منها نموا !
وهل هناك وقتا لنمو فسيلة وقت قرع الساعة ؟!
ومن سيشهد هذا النمو ويقوم عليه ويرعاه ؟ ولمن أزرعها هكذا ؟!
الحقيقة أن تلك الفسيلة في تلك اللحظة
هي تجسيد لغرسك وأثرك في الأرض
والحقيقة أن الفسيلة تزرع وكأنها للآخرة
مستقرك و دارك الأخيرة..
تزرعها هنا لتنمو هناك
تزرعها في أشد اللحظات عسرة
لأن هذا ما تبقى من خير بين يديك
حتى في هذه اللحظة بشدتها
تُستحث من ربك ورسولك لزرعها
أن اعمل لآخر لمحة من عمرك لدارك القادمة
اغرس غرس خير هنا
يتضاعف لك عند ربك غراسك
وإن لم تكن ساعة الناس وقيامتها
وقامت ساعتك أنت
اغرسها ايضا.. ضعها في الأرض
فينتفع بغرسك غيرك من بعدك
سبحان الله مبدأ الفسيلة مبدأ شديد الجمال والحكمة
وسبحان من أهدى لنا نبيا ينطق وحيا بكل هذا الخير والرحمة
أما عن فسيلة ما قبل نهاية الزمان
فهي في الحقيقة فسائل.. أشجارا وارفة يمكن إنباتها
جنائن صغيرة تزرع هنا وهناك فتمتد حدائق وبساتين
تضاد بها غيامات فتن وظلائم تريد أن تنقض
فتبدلها بظلال من غرائس نمت وربت خيرا وفيض
في زمان الفتن يجب أن تتحرك.. تركض
تسعى.. تتعلم أشياء عدة
تتحرك في دائرتك ومحيط تأثيرك
وما هو محيط تأثيرك ؟
نفسك ومن هم تحت جناحك
تتعلم لك ولهم وتسعى فيك وفيهم
هؤلاء من أنت ملزم بهم لا غيرهم
أما إن استطعت أن توسع دوائرك وتزيد مساحة تأثيرك
فليكن ولتحذر على نفسك وزد من العصمة بدينك
وإن أغلقت عليك بابك وقت إطباق الفتن عليك
لكن سعيت داخل كهف اللجوء عملا في رعاياك
فهو ما أمر به رسولك
وقت الحصار الذي لا يوجد منه فكاك
ووقت الخوف على نفسك وعلى دينك من الهلاك
إذن في كل الأحوال…..
لا جمود ولا توقف… لا ركون ولا تحجر
بل عمل وسخونة وحركة دائبة كالمرجل
فقط يتغير حجم دائرة الحركة والانتشار
من دائرة صغيرة جدا تشملك أنت فقط
لدائرة أوسع تشمل نفسك ورعيتك
لدوائر أوسع وأوسع بما يقيض الله لك
لكن الحركة دائمة والسعي لا يتوقف
حتى حركة القلب تلزمها وإن شُلَّت كل أطرافك
لا تتوقف الحياة لأن فتنا قادمة تلوح في الأفق
بل العكس تماما تزيد من العلم والعمل
تلاحق نفسك مع سرعتها وانفراط عقدها
فتأخذ بأسباب ربك قدر وسعك وتكون بهذا قد وفيت
بل العجب كل العجب ألا تعمل في هذا الزمان بأقصى طاقتك
أن ترفع يديك مستسلما ملقيا كل أسلحتك
حتى أن هذا ينافي فطرة و غريزة البقاء بداخلك
أن تتجمد كل هذا الوقت ولا تحرك ساكنا لحماية نفسك وأحبتك
وترضى بالخوف والقلق رفيقا دائما حتى يأكلك أو يقتلك
الفسيلة هي ذروة تجسيد الخوف والرجاء في آن
هي موطن لجوء واحتماء وقت المحن
لحظات من النور والرحمة وقت اشتداد الفتن
فسيلتك هي أثرك… هي تعلمك وتعاملك
علمك وعملك… حال قلبك وعقلك.. ومعه حال جسدك وجوارحك
إذن ماهي تحديدا فسائل العلم والعمل لهذا الزمان القادم ؟؟
هذا ما نستطرد فيه بإذن الله في مقال لاحق