هذا المقال بدايته غير نهايته..
فاكمل لتصل للمقصد.
____________________
الحكم الشرعي في الموسيقى
نعلم جميعا حكم الموسيقى.. (( التحريم ))
لقوله صلى الله عليه وسلم: “صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة ورنة عند مصيبة”. رواه البزار والضياء، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير وصحيح الترغيب والترهيب.
وقال صلى الله عليه وسلم: “إني لم أنه عن البكاء ولكني نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين، صوت عند نعمة: لهو ولعب ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة: لطم وجوه وشق جيوب ورنة شيطان”. رواه ابن أبي شيبة والبزار والحاكم والبيهقي بألفاظ متقاربة وحسنه الألباني، ورواه الترمذي بنحوه وحسنه.
وعن نافع قال: سمع ابن عمر مزماراً فوضع إصبعيه على أذنيه ونأى عن الطريق، وقال لي: يا نافع هل تسمع شيئاً، قال: فقلت: لا، فرفع أصبعيه من أذنيه، وقال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فسمع مثل هذا فصنع مثل هذا. رواه أحمد وأبو داود والبيهقي والطبراني في الأوسط، وصححه الألباني وحسنه شعيب الأرناؤوط.
وقال صلى الله عليه وسلم: الجرس مزمار الشيطان. رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني، وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.
قوله صلى الله عليه وسلم: ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف. رواه البخاري
لذلك يرى عدد كبير من العلماء والفقهاء، خاصة المتقدمين، تحريم الموسيقى وآلات الطرب إلا الدف في العرس والعيد، ويستدلون بحديث تحريم المعازف وغيره، وأجمع على تحريمها القرطبي، وأبو الطيب الطبري، وابن الصلاح، وابن القيم، وابن رجب الحنبلي، وابن حجر الهيتمي وابن تيمية.
ومع ذلك اختلف بعض العلماء والفقهاء على هذا الحكم القطعي بالتحريم..
فرأى تحليلها ابن حزم وابن القيسراني، ومحمد الشوكاني وأبي حامد الغزالي، والعز بن عبد السلام، وعبد الغني النابلسي، وغيرهم من المعاصرين. وهذا بناء على شروط تتضمن حتمية تحري ما قد يضر دين المرء وعلاقته بربه…
على جانب آخر..
متى ومن اخترع الموسيقى؟
جاء في السير، أن بعد خلق آدم وحواء، ثم هبوطهما من الجنة بسبب استجابتهما لغواية الشيطان، بدأ الشيطان على الأرض يكمل اللعبة التي بدأها في الجنة، ويخترع سبلا عديدة ومبتكرة، يعلمها ولد آدم، لغوايتهم وصدهم عن سبيل الله، واستمر في ذلك، حتى قيل أنه على زمن شيث أو إدريس عليه السلام قد اخترع الشيطان الموسيقى وقدمها للناس.. لتبدأ غواية الموسيقى على الأرض ويبدأ مزمار الشيطان يجوب سائر أنحاءها ويستقر على مر العصور كفتنة لا تنقطع.
حدثنا أحمد بن زهير، قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا داود- يعني ابن أبي الفرات- قال: حدثنا علباء بن أحمر، عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه تلا هذه الآية : (وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى).
قال: كانت فيما بين نوح وإدريس، وكانت ألف سنة، وإن بطنين من ولد آدم، كان أحدهما يسكن السهل، والآخر يسكن الجبل، وكان رجال الجبل صِباحا، وفي النساء دمامة، وكان نساء السهل صِباحا وفي الرجال دمامة، وإن إبليس أتى رجلا من أهل السهل في صورة غلام، فآجر نفسه منه، وكان يخدمه، واتخذ إبليس لعنه الله شيئا مثل الذي يزمر فيه الرّعاء، فجاء فيه بصوت لم يسمع الناس مثله، فبلغ ذلك من حولهم، فانتابوهم يسمعون إليه، واتخذوا عيدا يجتمعون إليه في السنة، فتتبرج النساء للرجال، قال: وينزل الرجال لهن. وإن رجلا من أهل الجبل هجم عليهم وهم في عيدهم ذلك، فرأى النساء وصباحتهنّ، فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك، فتحولوا اليهن، فنزلوا عليهنّ، فظهرت الفاحشة فيهن، فهو قول الله عز وجل: (وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى). انتهى. [تاريخ الطبري] (1/ 166-167).
وإسناد أثر ابن عباس رضي الله عنه ظاهره الصحة، وابن عباس رضي الله عنه ربما أخذ عمن أسلم من أهل الكتاب بعض أخبار الماضين، والظاهر أن هذا منها.
فقه الزمان
والآن..
ونحن في هذا الزمان..
الزمان الذي يحتاج إلى فقه خاص، ينبني على معلومات لا مثيل لها، يحتاجها الفقهاء بشدة ليضعوا الفقه الخاص بهذا الزمان، وللأسف لا يجدونها في متناولهم، لأن أغلبها يحتاج لنبشه نبشا.. وإن نبشوا ووجدوا، يظل المرء معها حائرا هل هي صائبة أم خاطئة ليبني عليها فقه ما من أي نوع.. فالفقه يجب أن يعتمد على الأدلة الواقعة مع الأدلة الشرعية..
والأدلة في نظرهم غير موجودة ثبوتا !
الحل إذن وقتها هو الترك والصمت !
فيتيه الناس بين الأحكام، حرام أم حلال ؟ أم بين بين ؟ أم بشروط ؟ وماهي الشروط ؟ وكيف أحققها وأنا أعلم من ضعف نفسي ما أعلم ؟!
ويأتي المضلون ليزيدوا الطين بلة، ويحللوا بأريحية، ويحسموا الصراع الفقهي قسرا من جانبهم بقول واحد.. التحلة للموسيقى..
مع مراعاة الشروط وتحري الاعتدال !
اعتدال ؟ في هذا الزمان ؟! والله لو حاول أحد أن يعتدل فيه، لأماله الجِنة والناس..
هؤلاء قوم يتجاهلون فقه السابقين… وفقه الزمان..
الموسيقى الحديثة وأثرها في الناس
إخوتي، لقد تعلم الشيطان شيئا جديدا في رحلة صراعه مع البشر، وكما ذكرنا، الشيطان بعمره المديد يتعلم ويخترع وسائل مبتكرة وغير متخيلة بالنسبة لنا، لتوصله إلى هدفه الأوحد، أخذ أكبر عدد من بني آدم معه إلى جهنم !
وما تعلمه هذه المرة وطبقه علينا هو موجود ومدسوس ضمن ثنايا اختراعه المفضل.. الموسيقى..
الموسيقى هي صوت..
والصوت هو ذبذبات.. ترددات..
والترددات منها القصير ومنها الطويل
وكل له تأثيره المختلف علينا..
والترددات بأطوالها المتعددة أصبح يمكن بالهندسة الصوتية إدماجها وتركيبها فوق بعضها.. وجعل بعض منها مسموع تلتقطه الأذن، وبعض منها غير مسموع لا يلتقطه إلا العقل الباطن..
وهذه فرصة !! فرصة ضخمة ولا تعوض !
مزمار الشيطان الآن في قلب المشهد !
يستخدم الاختراع..
ويصنع إنجازه الأكبر في الموسيقى عبر العصور !
لم يعد لينتظر طويلا كي تميل النفس مع الموسيقى ومنحنياتها فتضل وتلهو عن ذكر الله بعد حين..
بل ستحمل ترددات تساعد على هذا وتلقن العقول مباشرة دون إضاعة لوقت طويل..
شاهدوا الفيديو : (١)
وهذا أيضا : (٢)
وهذا : (٣)
وهذا يتحدث عن الإدماج لترددات الأصوات..
يزيد عليه التلاعب البصري بالصور أيضا – ما سنتحدث عنه لاحقا – : (٤)
الأغاني العربية ليست استثناءاً
وطبعا الأمر غير مقتصر على الأغاني الأجنبية فقط.. بل العربية أيضا وحتما..
وأبرز مزاميره في زماننا هي أغاني المهرجانات.. التي اكتسحت أغلب بيوت مصر والعرب للأسف.. فهي خامة مناسبة جدا لدس الكثير من الترددات على طبقات مختلفة.. دوما صوتها عجيب ومتزاحم.. ودوما هناك مزمار في الخلفية لا يغيب..
هي على ظاهرها أغاني شديدة القبح والفحش والبذاءة.. فما بالكم بباطنها ؟!
وأغاني المهرجانات.. هي فقط أبرزها وأوضحها..
[اسمها يشرح نفسه: (مهرجان من الهرج، وسامع الهرج يهرج، فهو مهرج)]
ولكن الأمر نفسه في الأغاني العربية المعتادة.. أي أغنية حديثة تقريبا هي كذلك.. تستطيعون معرفة هذا وتمييزه في أي أغنية تشعرون أنها ذات أصوات متداخلة، وهناك زحام أصوات بالخلفية، وكأن هناك ٣ تيارات صوت على الأقل يمكن التقاطها وراء صوت المغني.. أو أصوات وكأنها تقول كلاما غير مفهوم.. تلتقط أذنك حروفا، لكن لا تفهم حرفا.. وهي تتم بأجهزة صوت حديثة جدا ومتطورة، بواسطة مهندسي ومختصي التوزيع والدمج الصوتي الموسيقي الإلكتروني، وقد أصبح بعض منهم في المجتمع العربي ذوي شهرة وصيت..
يظهر الفرق واضح بينها وبين الأغاني القديمة (على حرمتها) في عدد الأصوات والتداخلات الصوتية التي تسمع مع صوت المغني.. فتجدها قليلة جدا.. صوت المغني وصوت الآلة الحية فقط.. بدون هندسة صوتية ولا إدماج ترددات سمعية… هذا لتوضيح الفرق فقط بين الاثنين في الفداحة.. هي فقط درجات في الحرمة.. ولا أعلم ما الذي يفوق الحرام في الحرمة لكي ننتهي عنه…
الخلاصة
هل رأيتم كيف يغير فقه الزمان في النظر للأمور ؟
هل لمستم كيف ينقصنا بشدة هذا العلم (علم آخر الزمان وعلم سبيل المجرمين) وننحرم بدونه من المسار السليم في الأخذ ؟
هل شهدتم أن دين الله هو الحق وأن ما يقوله الإسلام هو حقا الحل ؟
هل صدقتم أن سمعنا وأطعنا هي النجاة الحقيقية في هذا الزمان ؟
سمعنا وأطعنا هي حقا النجاة..
خذوا علم المتقدمين ومن قلدهم من المعاصرين وإن بان لوهلة شديدا جامدا غير مفهوما.. لا تقولوا لهم زمانهم ولنا زماننا.. هم فهموا عن دين الله وكتابه أفضل منا.. مهما فعلنا هم فهموا أفضل منا..
ونرى بأنفسنا، كما في هذا المقال، أن كل فهم جديد للأحكام في هذا العصر، يصبح إفادة وإضافة لما قالوا، لا رفضا ومعارضة..
ولا تظنوا أننا لن نميل بآذاننا لها سويعات..
سنميل.. ونعود لنعتدل على الفور..
حتى لا يطول بنا.. ويطولنا الميل..
وسيعيننا ذكر الله والقرآن.. وسيكون هو سر الاعتدال..
وتذكروا جيدا..
الموسيقى وسيلة الشيطان..
وجرسه ومزماره ورنينه ومرقصه
الموسيقى.. أصلا.. اختراع الشيطان.