بقلم : أمل إبراهيم
علموا أولادكم الرفق واللين وتقدير مشاعر الآخرين(3)
عندما يكون رد الفعل الأَوَلِي والتلقائي من الأم والأب هو الغضب والانفعال فان الطفل ينشأ وهو مقتنع أن هذا هو التصرف الطبيعي والتلقائي عندما يصدر من شخصٍ ما تصرف يضايق الطفل….فيكون هذا هو الأسلوب الذي سيتعامل به طوال عمره مع كل من حوله سواء أمه أواخوته أواصدقائه وسواء زوجته وأولاده. هو فقط لن يستطيع فعل ذلك مع من هو أقوى أو أشرس منه أو أكثر غضباً أو أشد انفعالاً.
لماذا ؟
لأن ما يحكم علاقته بأمه وأبيه هو الخوف منهما لأنهما أقوى منه ويستطيعان عندما يغضبان منه أن يؤذياه بشدة و هو لا حيلة له، لذا فكل ما عليه هو أن يجتهد في تجنب غضبهما وعقابها وليس المهم أن يطيعهما بل المهم أن يفلت من الأذى …. ثم لماذا يطيعهما وهو لا يعرف أصلاً لماذا يجب عليه أن يفعل هذا الشئ و أن لا يفعل ذاك الشئ ؟ إنهما لا يشرحان …لا يوضحان … لا يجيبان على أسئلته عندما يسأل بكل براءة: لماذا هذا خطأ؟؟ أو: لماذا يجب علي أن أفعل ذلك الشئ المزعج بالنسبة لي؟ ولماذا ممنوع علي أن أفعل هذا الشئ الذي أحبه وأستمتع به؟ بل إن السؤال في حد ذاته يكون أحياناً جريمة في نظر الأب أو الأم ! كيف تسألني عن صحة ما أقول؟ ألا تثق بي؟ ألا تعرف أنني أكبر منك وأعلم أكثر منك؟
أما في السن الأصغر وفي الوقت الذي لا يستطيع الطفل أو لا يجرؤ على السؤال فإن كل الأمور تبدو له ممنوعة، فالأب والأم عادةً لا يفرقان بين ما هو خطير وما هو مجرد خطأ بسيط. فبعض الأمهات تصرخ وتغضب كأول رد فعل لها عندما يجذب الطفل قدراً به طعام ساخن أو سلك المكواة مثلاً … كما أن عندها نفس رد الفعل إذا تعالى بكاء الطفل وصراخه أياً كانت الأسباب … وهو نفسه رد فعلها اذا أفسد الطفل شيئاً بذلت الأم مجهوداً فيه مثل ترتيب أو تنظيف شيئٍ ما في البيت.
وبعض الآباء يوبخ ويعنف أو يضرب أو يركل كأول رد فعل له أذا أفلت الطفل يد أبيه وجرى في طريق السيارات….كما أن له نفس رد الفعل إذا أصدر الطفل أي نوع من الضجيج(ضحك- بكاء- لعب مع أمه أو إخوته) أثناء مشاهدة الأب للتلفاز….. وأحياناً يكون له نفس رد الفعل إذا أقبل الطفل على أبيه يمسك بيديه أو يتعلق في ساقيه يريد منه أن يسمح له بشئ ما يتوق إليه الابن و الأب يرفض.
وبالتالي فكل ما سيصل إالى الطفل من الأبوين في تلك الحالات هو عقوبة من نوع ما …..وهو لا يعرف ولا يستطيع أن يعرف السبب الحقيقي والمقنع لها…..كل ما هو متأكد منه أنه لابد أن يتجنب العقوبة ويبعدها عن نفسه بكل الطرق.
المحصلة أنه سيكتسب صفتين غاية في القبح، يكسبانه- إن لم يتغمده الله برحمته- شخصيةً صعبة المراس مرهقة في تعاملها حتى مع أقرب الناس اليها ….. ذلك أنه سينفعل بشده على من هو أضعف منه ويسكت ويستكين لمن هو أقوى منه في حال ما فعل أيا منهما ما يزعجه.
بالتالي فلابد أن يتحلى الوالدان بالرفق واللين عند التعامل مع أولادهما ويتجنبا العصبية والغضب حين يوجهونهم وخلال عملية التربية بصفة عامة وبذلك يرى الأطفال القدوة الصالحة أمام أعينهم في التفاهم الأسري والتعامل الراقي فينشأون على هذه الأخلاق الكريمة وينعم آباؤهم وكل من يتعامل معهم بسماحة أخلاقهم وسهولة التفاهم معهم.
كيف إذن نكون رفقاء مع أبنائنا حتى لا نتسبب في أن يكتسب أطفالنا تلك الصفات القبيحة. هذا ما سنتحدث عنه في مقالاتنا التالية : “كيف نكون رفقاء مع أبنائنا” و ” كيف تتخلصين من العصبية في التعامل مع الأطفال”
بارك الله لنا ولكم في ذرياتنا …. ودمتم بخير.