مقالات

حدّث حذيفة 2

بقلم دعاء ليث

بقلم دعاء ليث

يقول حذيفة بن اليمان في أثر إسناده حسن
تطل عليكم فتن كجباه البقر يهلك فيها أكثر الناس إلا من كان يعرفها من قبل
هذا الأثر وقتما قرأته استوقفني كثيرا وتفكرت فيه مليا
لأن حذيفة رضي الله عنه يقول تصريحا خطيرا جدا
يقول “إلا من كان يعرفها من قبل”
أي أننا يمكننا معرفة الفتن المهلكة قبل أن تأتي !!!!
بل وقد ننجو منها أيضاً بإذن الله بمعرفتنا لها !!!
معقول هذا !!
معنى هذا أننا بقراءتنا للأحاديث النبوية الصحيحة التي تشرح مشاهد مرحلة الفتن والملاحم يمكننا على ضوئها استشفاف نوع الفتن المهلكة التي قد تأتي من قبل حدوثها ؟!
نعم يمكن ذلك ويا للدهشة !!
إذن لم تقال تلك الأحاديث عبثا أو مجرد سردا حاشاه من لا ينطق عن الهوى
بل لإرشاد إخوانه في آخر الزمان عن نوع الفتن القادمة والاستعداد لها
ومعنى هذا التصريح من سيدنا حذيفة أيضا وللمفاجأة !
أن غالب تلك الفتن لن تأتي بغتة..
بل يوجد لها مؤشرات وعلامات قبل حدوثها بوقت كاف للإنتباه لها
ولكن فقط تحتاج لمن يقرؤها ويتتبعها
تحتاج أن يكون المسلم قارئا ودارسا لأهم أحاديث آخر الزمان التي أهداها لنا نبي الهدى.. فيكوّن على هديها فقها شاملا للمرحلة بأسرها
حتى أنه يمكن أن نرى مقدماتها بوضوح بسبب تلك الأحاديث
وللعجب أن كل فتنة من الفتن المهلكة القادمة هي فقط امتحان شديد جدا مقدماته بالأصل هي أفعالنا نحن بالفعل في الدنيا
أي أن هذه الفتن المهلكة ماهي إلا نتائج أعمالنا
وبالتالي يسهل لكل ذي عقل أن يراها وهي مقبلة…
“ظهر الفساد في البر والبحر ((بما كسبت أيدي الناس))
ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون”
((بما كسبت أيدي الناس))
أي من نتاج أعمالنا ومما كسبت ايدينا
أي أنها نتائج متوقعة جدا
فتأتي “ليذيقهم بعض الذي عملوا”
منطقية جدا أيضاً
متوقعة ويجب ألا تكون مدهشة لهذه الدرجة أن نعرف أنها قادمة
فالجزاء دوما من جنس العمل
أمثلة مما كسبت أيدينا…
كثر الربا
إذن محقت البركة وصار المال لا يشتري ما يكفي وكأنه سراب…
بل لا أموال بالمرة في أيدي الناس بعد ذلك كما سيحدث وكما أخبرتنا الأحاديث
كثر القتل ولا يعرف المرء فيما قتل إذن فليقتتل الجميع وتسود الحروب كما أخبرتنا الأحاديث
كثر الجحود والكفر
إذن انقطع خير وبركات الأرض والسماء وهو ما سيحدث من انقطاع لنبات الأرض ومطر السماء كما أخبرتنا الأحاديث
حتى فتنة الدجال على عظمها..
هي بالضبط نتيجة ما فعلناه بأنفسنا طوال سنوات من ترك أنفسنا لإسحار الأعين بالشاشات وذهاب العقول والألباب بها…
فيجيء لنا أكبر ساحر للأعين !!
سنوات من تصديق الكذب الذي يعرض وكل الكذب من حولنا…
فيجيء لنا أكبر كذاب !!
وسنوات من الرقص والتمايل على الأغاني و الشياطين حولنا فرحة
فترسل علينا الشياطين الملجمة تمشي بيننا متجسدة !!
العلامات الصغرى للساعة كلها لو نتأملها
نجدها تخبرنا وتدلنا وتعلمنا بكل ما هو قادم
أسهب في وصفها رسولنا الكريم..
قالها بتفصيل وكأنه يحذرنا منها ومن نتائجها
ومما سيتتبعه علينا من خراب ومن شؤم المعصية
والفترة التي تلي العلامات الصغرى للساعة من فتن مهلكة
هي نتائج منطقية تماما لما قبلها
مقدمات منطقية و نتائج منطقية
اختبارات مزلزلة نعم
ولكنها من جنس العمل..
لا اختبارات بدون فرص للتذاكر قبلها
لا ظلم ولا تعجيز من الله الحق العدل
بل يختبرنا ويمتحننا بما عشنا عليه بالفعل
ويعطينا فرصا أخيرة جل وعلا
لاستخلاص أهل الحق من بين أهل الباطل
لا اندهاش ولا مفاجآت أبدا في الأمر يا قوم
كله بعملنا ومما كسبت أيدينا
إذا يمكننا الربط والتوقع وارتقاب تلك المرحلة (المنطقية)
بالبحث عن علاماتها بين الأخبار الكثيرة حولنا ….
بضوابط الشرع ودون الميل واتباع الهوى
ودون الإسقاط المخل غير المتعقل
ودون الجزم أو التكهن
ودون الرجم بالغيب ودون التوقت
بل بالتحقق والتروي والتثبت
وهذا ما أفعله… أرتقب واتتبع
أراقب جانب الأرض وأتابع عمل المفسدين فيها
وأراقب جانب السماء وأرى آيات الله المتتالية تأتي منها
هم لا ينفصلان أبدا.. جانبي الأرض والسماء
ووالله لو كنا رفعنا أيدينا للسماء وارتدينا المسوح ومرغنا وجوهنا بالتراب
كما فعل قوم سيدنا يونس عندما شعروا بقرب العذاب
لنجونا ولعادت بركات الأرض والسماء وغلقت الفتن الأبواب
بأمر الله كن فيكون.. تعود الأرض لسيرتها
لكن القوم أبوا واستعجلوا العذاب
“وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون”
🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘
باب آخر يمكننا منه معرفة نوع الفتن المهلكة القادمة
وهو بتتبع مؤامرات اليهود و مكائد شياطين الجن والإنس
هذا باب مهم جدا لمعرفة نوع الفتن القادمة
بل هي غالبها من صنعهم بالأساس لعنهم الله
وهذا الباب الثاني يصب مباشرة في الباب الأول
ويلتقي ويلتحم معه ويجعلنا نزداد في الدين يقينا على اليقين
فيسهل مع ضوء كلام الوحي التوفيق مع الباب الثاني بالضوابط
ولكن يأتي سؤال ويقول….
🔵ولكن هم يظهرون للناس المئات من المؤامرات والخطط
وبتهويل وتضخيم لتعظيم أنفسهم أمامنا لهزيمة قلوبنا وإوهان نفوسنا.. هذا كثير جدا ولا يمكن تتبعه ناهيك عن تحمله
🔴أقول نعم بالطبع يفعلون فهذه سمة أي جبان لئيم
أن يحيطك بالخوف و بالكيد والسموم
وأن يملأ عينيك وأذنيك بكل ماهو سقيم
ومع ذلك يجب تتبع ما يفعلون
ولكن من نفس غاضبة لحرمات الله
تتعلم لتفهم ولتحفظ دينها ونفسها وأهلها
وربما تؤثر فيمن حولها…
فقط بالفهم والتتبع المنضبط السليم..
ليس تتبعا من نفس منهزمة خائفة
تظنهم كالجبال في إحاطتهم وهم كالنمال في صغرهم
ولكن فقط يعرفون كيف يكيدون وفي هذا مجتهدون
ومن خلفهم الشياطين خير معين
والشيطان لنا عدو مبين
🔵نعم ولكن إن تتبعت كل هذا..
كيف لي أن أعرف الفتن القادمة بتتبعهم
وهم يخلطون الكذب بالزيف ببعض الحقيقة وبعض المكر والخديعة… كيف أعرف ؟
🔴تعرف بالدليل الرباني النبوي العظيم
تحيل كل فتنة تسمع عنها للكتاب والسنة
إن وجدتها ووجدت أخبارا ثابتة عنها فهي حادثة لا محالة
بأي شكل وبأي وسيلة وفي أي وقت ولكن هي حتما حادثة
وعليك فقط ترقبها وتفقد علاماتها
أما لو سمعت في مؤامراتهم عن أشياء ضخمة ومهولة
ولم تجد لها أي أثر في الدين أو وجدتها تصطدم بالذات الإلهية مباشرة
إذا هي فقط بعض أمانيهم ومحاولة لهزيمة قلوب المسلمين ولن تحدث لا محالة..
وهناك أمثلة كثيرة على مشاريع لهم يروجون عنها كثيرا ليظهروا أنهم لا يقهرون وأنهم يملكون الكون وفيه يتحكمون
(مثل مشروع هارب ومشروع مصادم سيرن اقرأوا عنهم في جوجل)
وأقول أنه بظني يستحيل يستحيل أن يتركهم الله لذلك
فتلك آياته وقدرته ولا أحد ينازعه ملكه
[[[ فالمشروع الأول (هارب)
يزعمون أنهم يقدرون به التحكم في الزلازل والبراكين وسائر حركة الطقس
ونسوا أن تلك الأشياء في قبضة الله ومن آياته الكبرى
ويسيرها ملائكة لا يعصون لله أمرا
نعم قد يملي الله الكافرين ويعلمهم مالم يكونوا يعلمون
ليفتنهم ويختبرهم بما علمهم
ويمكن أن يحققوا بعض النتائج وبها يفرحون
ولكن تحكم كلّي بالصورة التي يزعمون ؟!
لا لن يكون..
ليس هكذا ..
ليس بمزاحمته في ملكه وكأنهم آلهة ينازعون الخالق في خلقه
والمشروع الثاني (سيرن) يزعمون أنهم يستطيعون به خلق ثقب اسود أو منظومة كونية جديدة عن طريق جزيء اكتشفوا وجوده يسمونه جزيء الإله لعنهم الله
ومن فوائد هذا عندهم رؤية وشهود بداية الخلق حسب زعمهم و أيضا التحكم في الزمن وإمكانية التغيير فيه
ونسوا أن الله هو الدهر كما قال في حديثه
ولا يجرؤ أحد ولا يملك أن يقترب منه
فالزمن بيد الله وحده وهو المقدم والمؤخر ولا غيره ]]]
🔳🔳🔳🔳🔳🔳🔳🔳🔳🔳🔳🔳
الضابط الديني والشرعي لكل ما نتلقاه حولنا من دجل وتلبيس
هو والله النور الوحيد وسط الظلام الدهيم
وهو سر السكينة والثبات والإيمان واليقين
يجعلك تضحك في داخلك على ما يأفكون
لأنك تعرف الله رب الكون
وتعرف أنه تبارك و تعالى عما يصفون
وتعرف أحاديث نبيك الهادي الأمين
وبما أخبرك به عن آخر الزمان والسنين
فتكون لك بإذن الله خير دليل ومعين
⚪⚪⚪⚪⚪⚪⚪⚪⚪⚪⚪⚪⚪⚪⚪⚪⚪
حسنا نحن قوم مؤمنون
وسمعنا كلام الرسول الكريم
ونحن الآن نعرف تلك الفتن من قبل
كما قال حذيفة صاحب الرسول الأمين
فماذا نفعل معها عندما نعرفها ؟
وكيف الثبات فيها ؟
ولا نقع في اليأس منها على قوتها وشدتها ؟
يتبع………

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى