منهج الإعداد
الفتن.. الملجأ والاستعداد (3)
ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (الروم – 41)
لا شك أننا نعيش في أيامنا هذه فتناً متلاحقة كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسى كافراً تصديقاً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ. يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيْهَا مُؤْمِناً وَيُمْسِي كَافِراً. أَوْ يُمْسِي مُؤْمِناً وَيُصْبِحُ كَافِراً. يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا». رواه مسلم.
والفتنة هي الاختبار والابتلاء الشديد للعباد ليميز الله الخبيث من الطيب .
وهدف المؤمن في الفتنة هو الحفاظ على إيمانه ودينه والثبات على الحق ولو ضحى في سبيله بالغالي والنفيس، فغاية وجودنا في هذه الدنيا هو الإيمان بالله وعبادته والثبات على ذلك حتى الموت.
“وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ” (الحجر – 99)
والفتنة التي نعيشها سببها أن أمة الإسلام بعدت عن دينها ودب فيها الضعف، فتغلب وتداعى الأعداء عليها واستولوا على أرضها وثرواتها، ومزقوها دويلات وعينوا عليها حراسا يحكمونها باسمهم ويتحركون بأمرهم، وفرقوا شعوبها إلى قوميات وغيروا أنظمة الحكم فيها وأزالوا شرائعها وأنظمتها واستبدلوها بشرائع الغرب وأنظمته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والإعلامية، فلم يبق للأمة من دينها إلا الشعائر، وها هم الآن يحاولون إزالة تلك الشعائر نفسها ، مصداقاً لحديث النبي صلى الله وسلم حين قال:
“لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، وأولهن نقضا الحكم، وآخرهن الصلاة”. (أخرجه الإمام أحمد في مسنده، والطبراني في المعجم الكبير، وابن حبان في صحيحه بإسناد جيد)
فها هو عدونا وأعوانه يحاولون نقض آخر عرى الإسلام -الصلاة – بدعوى الحماية من وباء افتعلوه لهذه الغاية، ولغايات أخرى تتيح لبني إسرائيل وأعوانهم استكمال علوهم الكبير وحكم العالم ومنع ممارسة الإسلام أو ما تبقى من شعائره، محاولين أن يطفئوا نور الله بأفواههم كما أخبرنا تعالى في قوله:
يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (التوبة 32)
و المسلمون ودينهم هم أول المقصودين بهذه الحرب.
وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ۚ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (البقرة 217)
فتلك الحرب التي يشنها النظام العالمي مستغلاً هذا الوباء تعمل في مسارين.
- المسار الأول: عالمي، بنزع الحريات جميعها وفرض القيود، وتعويد الناس على الإذعان والخضوع عبر اتخاذ إجراءات ظاهرها حماية الناس، وباطنها إفقارهم وإمراضهم، بل وتقليل عددهم وتقسيمهم وترويضهم للرضوخ للنظام العالمي والسجن الرقمي الذي ينصبونه حول الناس جميعاً ، ليحولوهم إلى عبيد لنظام عالمي جديد يتشكل أمام أعيننا.
- المسار الثاني: يخص الأمة الإسلامية، بنقض آخر عرى الإسلام من الشعائر التعبدية، من تعليق الجمع والجماعات وتغيير هيئتها وتقييدها، وكذلك الحج والعمرة بل إن الأوامر الجديدة تحث على منع الصيام أثناء الدوام. فإذا نجحوا في هذه الخطوة، بدأت محاكم التفتيش لتصفية المسلمين ودفعهم للتخلي عن عقيدتهم نفسها كما فعلوا مع مسلمي الأندلس.
إذن فنحن مقبلون على عصر الفتن الكبرى، عصر امتلاء الأرض ظلما وجورا، فتن في الدين والنفس والمال والولد. فبعدما فسدت الأرض بأيدي الناس وعدم التصدي لهذا الإفساد فإننا نلقى جزاء ذلك بفتن كقطع الليل المظلم.
[box type=”note” align=”alignleft” class=”” width=””]فكيف نحمي ديننا وأنفسنا في تلك الحرب، وننجو من تلك الفتنة ؟[/box]
هناك عمل على المستوى الفردي وعلى المستوى الجماعي.
والأصل أن النجاة في هذه الفتن تكون بلزوم الجماعة والإمام،
فإن الله قد بعث هذه الأمة برسالة لإصلاح البشرية بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا سبب خيرية هذه الأمة يقول تعالى:
كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (آل عمران 110)
وقد قامت هذه الأمة بإزالة إفساد بني إسرائيل الأول، وهي التي ستزيله في هذه المرة أيضاً كما شرحنا في فيلمنا “شفرة سورة الإسراء”.
يقول تعالى في سورة الإسراء:
وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)
ولهذا وجب علينا كأمة الإسلام القيام والتصدي للمفسدين في الأرض بدءاً من عملائهم في بلادنا، وانتهاءً بتلك القوى الشيطانية التي تصول وتجول في العالم ولا رادع لها، وهو ما سيحصل حتماً في النهاية فهذا ما قضاه الله وأخبرنا به بل وأخبر به بني إسرائيل كما في الآيات السابقات.
إذا فالتحرك الجماعي هو الحل النهائي،
وهو قدر الله المحتوم وهو ما ستقوم به الأمة في النهاية.
لكن ربما يمر زمنٌ قبل أن تنهض أمتنا من سباتها، فأعداؤها يعملون ليل نهار وبكل ما أوتوا من قوة على إبقائها مخدرة لاهية مشتتة ومقسمة، بل ولقد تلاعبوا بنا وأنشأوا داخلنا فرقاً منحرفة أشد الانحراف تعمل لصالح الأعداء من حيث تظن أنها تخدم دين الله.
[box type=”note” align=”alignleft” class=”” width=””]فما الذي يتعين علينا فعله في هذا الزمان قبل نهوض الأمة؟[/box]
الهدف
الحفاظ على ديننا ودين أبنائنا وإعدادهم لحمل تلك الأمانة والعمل على نهضة الأمة عبر برنامج للنجاة والإعداد. وقائدنا في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم الذي أرشدنا إلى الحل للنجاة وقت الفتن وأمرنا بالعمل قبل قدومها.
“بَادِرُوا [[ بالأعْمَالِ ]] فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ … ” صحيح مسلم
أي أنها هناك عملا لابد أن نبادر به لنحفظ أنفسنا من الفتن التي تهلك الدين والنفس والمال والولد.
وروى أحمد في مسنده والترمذي والنسائي والدارمي في سننهم وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه والطبراني في الكبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
“خيرُ الناس في الفتن رجلٌ آخذٌ بعِنان فرسِه خلف أعداء الله يخيفهم ويخيفونه، أو رجل معتزلٌ في بادية يؤدي حق الله الذي عليه”. (قال الحاكم: على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي والألباني في الصحيحة.
هذان المثالان لخير الناس في الفتن هما أفضل ما يجب عمله . وإن وجدت خيارات أخرى فهي أقل من هذين الخيارين ، فإما أن نكون في الجهاد مع المجاهدين، وإما الخروج من النظام والاعتزال في البادية وعدم التعرض للفتن.
فأما المثال الأول فشاهده من القرآن الكثير من الآيات التي تحث المسلمين على مواجهة الكفار والجهاد في سبيل الله كما في قوله تعالى:
وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (التوبة 36)
ولكن مع غياب جماعة المسلمين وإمامهم فقد يعجز الفرد أو مجموعة من الأفراد عن مواجهة المجتمع في حال الفتنة فيكون الحل هو الاعتزال ، كما أرشدنا القرآن في آيات سورة الكهف التي نتلوها كل يوم جمعة:
“وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا (الكهف 16)
هذا هو النور الذي نستضيء به في هذا المنهج للإعداد…
ولا شك أن الجماعة إذا صلحت كانت من أهم أسباب العصمة والثبات وقت الفتن.
فالمطلوب منا هو التجمع والتعاون على البر والتقوى ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً.
“وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب” (المائدة 2)
ولهذا فإن العمل الجماعي مقدم على الاعتزال والحل الفردي.
وهذا العمل الجماعي يُبنى على مجموعة من الأفراد المؤهلين، فالأصل أن نبدأ بالتأهيل الفردي، ثم يأتي تجمع الأفراد المؤهلين للتعاون على أمورهم في زمن الفتن ، ولكن قد يرتبط المسارين ، فإن التأهيل الفردي يحتاج إلى عمل جماعي أيضاً.
________________
منهج الإعداد
نحو جيل جديد
كما ذكرنا هناك تأهيل فردي وعمل جماعي.
ورغم أنه من المنطقي نظرياً أن يبدأ العمل الجماعي بعد استكمال التأهيل الفردي، إلا أن هذا ليس هو الحل الواقعي. فعملياً بعض نقاط التأهيل الفردي تحتاج إلى عمل جماعي لإنجازها. وبالتالي فإن العمل الجماعي يمكن أن يبدأ من أي نقطة تتلاقى فيها نية ورغبة عدد من الأفراد على تحقيق هذا الهدف من التعاون على البر والتقوى للنجاة من الفتن مع فهم لتحديات الواقع والمرحلة.
ولكننا سنسرد التأهيل الفردي أولاً ثم نتلوه بالعمل الجماعي.
____________________
التأهيل الفردي :
ويشمل ثلاثة محاور:
- المحور الأول: الإعداد الإيماني والنفسي
- المحور الثاني: الإعداد العلمي
- المحور الثالث: الإعداد العملي
المحور الأول:
الإعداد الإيماني والنفسي
تقوية الإيمان: إيماننا وديننا هو هدف أعدائنا،
“ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا”
فهدفنا الحفاظ عليه وحمايته بكل غالٍ ونفيس. وهو أيضاً درعنا الأهم في صد هذه الهجمة الشرسة. فعلينا تقوية إيماننا بمعرفة الله وصفاته وأفعاله وحكمته وقضائه وقدره ، ثم التوبة والإنابة الصادقة إليه والإكثار من ذكره واستحضار معيته. وزيادة الإيمان بالطاعات الممكنة والبعد عن المعاصي والذنوب وهجرها فهي المهلكة والمستوجبة للعذاب. هذا هو مفتاح النجاة الأول في تلك الفتن.
عن أبي العباس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما ، فقال : ( يا غلام ، إني أُعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سأَلت فاسأَل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأُمة لو اجتمعت على أَن ينفعـوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف ) رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح.
وفي رواية الإمام أحمد : ( احفظ الله تجده أَمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك فـي الشدة، واعلم أَن ما أَخطأَك لم يكن ليصيبك ، وما أَصابك لم يك ن ليخطئك، واعلم أَن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسرِ يسرا ) .
فمن حفظ الله يحفظه ومن عرفه في الرخاء عرفه الله في الشدة. أما المعاصي والذنوب فهي المهلكة وهي التي تستدعي عذاب الله والخذلان وقت الشدائد .
وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ۚ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم … (المائدة 18)
فالذنوب هي سبب العذاب ، وهي التي تسبب الزلل والخذلان
إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا (آل عمران 155)
والاستعداد النفسي والقلبي : وهو أن يتأهب المسلم لما هو قائم و قادم من الفتن ويستعد نفسياً لمواجهتها ويوطن نفسه لمواجهة المصاعب والمشاق والابتلاءات المصاحبة لتلك الفتن، ويعود نفسه على التخلي فيها عن الترف والرفاهية وعرض الدنيا الزائل ويكون هم نفسه الأوحد هو الحرص على النجاة بالدين وبذل الغالي والنفيس في سبيل حفظه وعدم بيعه بمتاع الدنيا القليل
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ. يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيْهَا مُؤْمِناً وَيُمْسِي كَافِراً. أَوْ يُمْسِي مُؤْمِناً وَيُصْبِحُ كَافِراً. يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا». صحيح مسلم حديث (118) .
ولهذا فيجب تعويد النفس على الخشونة والتقشف في الحياة وترك الرفاهية والترف .
______________________
المحور الثاني:
الإعداد العلمي
بالعلم يزداد الإيمان ويقوى قلب المسلم أمام الفتن ويرزقه الله الثبات بإذنه. فيجب في هذا الوقت أن يتعلم المسلمون علوما تهدف لزيادة معرفتهم بدينهم ودنياهم وتوسيع آفاقهم القلبية والذهنية لاكتساب القدرة على مواجهة القادم بتحدياته.
في منهج الإعداد هناك مسار للإعداد العلمي، ويتكون من 8 مساقات محددة وقابلة للزيادة حسب الحاجة واتساع رقعة متطلبات المرحلة.
وهذه المساقات هي :
1 : القرآن الكريم
كتاب الله القيم، بيان الله لخلقه، وخريطة الوجود الإلهية التي تهدي البشرية، طوق النجاة من هذه الفتن المزلزلة، نور الطريق الذي ينير ظلمة الفتن المدلهمة، ففي القرآن الحل والسبيل..
فنجد الثبات واليقين في سورة آل عمران. نجد أنواع الفتن وكيفية النجاة منها في سورة الكهف. نجد فقه الجهاد في التوبة ومحمد. نجد التحرك والقيام لله من قلب فزعة الخوف في سورة المدثر. نجد حقيقة واقعنا والعلو الكبير ووعد الآخرة في سورة الإسراء. وفي سورة الزخرف نعرف حقيقة الدنيا وإن هي إلا متاع وزينة، فلا نتمسك بها ولا نحزن عند زوالها وقت الفتن. في سورة طه نجد السلوى للقلوب والسكينة وقت الصعاب، فنتحمل وتزداد قلوبنا وقت الشداد طمأنينة. في القصص والأنبياء والشعراء نجد نبأ المرسلين وبطولة كل واحد منهم وكفاحه لإعلاء كلمة الحق فنكتسب ذلك منهم. وفي سورة البقرة نعرف حقيقة بني إسرائيل، فنجد وصفا مفصلا لصفاتهم، ونجد أيضًا فيها الحصن من كل سحر وشر، في ربط عجيب بين الوصف لهم والوصفة للعلاج من بعض فعلهم، يجتمعان في سورة واحدة..
ومعين لا ينضب من النور السماوي الذي يتدفق بين أيدينا بالقرآن ليضيء قلوبنا إضاءة كوكب دري في الظلمات.
لذلك فإن فهم وتدبر ومدارسة القرآن والعمل به وحفظه في هذا الزمان الشديد هو النجاة والنور.
“إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم” (الإسراء 9)
“ليخرجكم من الظلمات إلى النور” (الأحزاب 43)
___________
2 : السنة النبوية
جناح الوحي الآخر مع القرآن.. قال الله تعالى :
“وما ينطق عن الهوى (3) إن هو إلا وحي يوحى (4)” سورة النجم
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا أبدا : كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِي” محمد جار الله الصعدي ، النوافح العطرة • صحيح • وأخرجه البزار (٨٩٩٣)، والعقيلي باختلاف يسير، والحاكم (٣١٩) واللفظ له •
وينقسم المساق إلى : الحديث و السيرة
فنتعلم صحيح الحديث ونستخرج الهدي الذي نهتدي به في حفظ ديننا وبناء ذواتنا ثم بناء أمتنا من جديد.
ومعرفة أخبار آخر الزمان في أحاديث العلامات الصغرى والكبرى وأحاديث الفتن والملاحم، حيث أنها تطرق الأبواب بشدة، وتخبرنا أن الكثير من الاختبارات القوية في انتظارنا ليميز بها الله الخبيث من الطيب. فهذه أنباء غيب أرسلها لها نبينا بوحي الله منذ ما يزيد على الألف عام لتصل لنا نحن بالذات فنحن المعنيين بتلك الأنباء، وبالتالي واجب علينا أن نستخدم تلك المعرفة المهداة ونتلقاها بإحسان ونستعد بها، بل ونربي أبناءنا على ضوئها، فهي فتن لا ينجو منها إلا من كان يعرفها مسبقاً وأعد نفسه لها وثبت الله قلبه فيها.
حتى الأنبياء السابقون حذروا قومهم من أعظم الفتن التي ستأتي على الأرض وهي فتنة المسيح الدجال.
لذلك فالعلم بسنة النبي سلاح مهم في مواجهة تلك الفتن الكبرى.
وفي السيرة نتعلم سيرة أفضل الخلق ووصف حياته الذي نتعلم منه مكارم الأخلاق وبناء شخصية المسلم الحق القوي في دينه..
فنتعلم خطوات بناء الإيمان في القلب في المرحلة المكية.
ونتعلم خطوات بناء دولة الإسلام الوليدة وغرس أول لبنة لها على الأرض في المرحلة المدنية.
ونتعلم كيفية امتداد دولة الإسلام في بقاع الأرض في مرحلة الغزوات والفتوحات.
ونتعلم كيفية استقرار دولة الإسلام ورسوخها في الأرض بنهج رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين في مرحلة الخلافة الراشدة.
فهي باختصار خطوات تعلم بناء دولة الإسلام من جديد وإعادة إحيائها قوية على الأرض
____________
3 : العقيدة
عقدة القلب التي يجب أن تعقد كل يوم فينا، الحبل المتين الذي نشده على قلوبنا بخالص الوحدانية والتسليم، نُحكم وثاق الإيمان داخلنا بالعقيدة ونعتصم بالحبل فلا ينحل.. فإن انحلت تلك العقدة وارتخت فلا شيء إلا الشرك أو الكفر.
ونتعلم عن رب العالمين ذاته. صفاته وأسمائه جل جلاله، نتعلم توحيده ربوبيةً وتوحيده ألوهية
بمعرفة الله وتوحيده نجد أنه قد انعقد للإيمان عقدة قوية داخلنا، وهذا الإيمان له أركانه وأعمدته الذي بأي خلل في ركن واحد منه يهتز مبنى الإيمان فينا.
ثم بالإيمان يبدأ القلب بعقد عقدة الولاء والبراء فوق عقدة الإيمان ويعضدها تعضيدا.
وبعد تعلمنا عن الإيمان نتعلم عن نواقضه لكي نتحاشاها في قولنا وعملنا.
ولحفظ القلب من الشيطان ونزغه، ولصده في حربه لنشر الكفر ودحض الإيمان في الأرض، يجب أن نتعلم عن الشبهات التي تلوكها الألسنة هذه الأيام وطرق الرد عليها بإجابات سليمة منهجية، لكي لا يأتي وسواسا من إنس أو جن فيسهل عليه بالغفلة عن هذا الباب أن يزرع شكوكا في قلوب المؤمنين
ثم نتعلم عن العقائد المخالفة للدين، لكي لا نجد من يستدرجنا إليها بزعم أنها أفضل أو أنسب للعصر كما تزعم طوائف كثيرة الآن وتروج لأفكارها وعقائدها المنحرفة التي تأخذ البشرية تحت غطاء الحرية والتنوير، أو حتى تحت غطاء التنوع والسلام والتواؤم العالمي وقبول الآخر، وتشدها للهاوية وبئس القرار.
______________
4 : التاريخ
إن تاريخ البشرية منذ بدأ الخليقة مليء بالعبر
” لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ “
والتاريخ بأكمله منذ خلق آدم وحتى يومنا هذا وإلى نهاية الزمان يتمحور حول شيء واحد، وهو “صراع الحق والباطل”
هذه هي الفكرة الأساسية لتناول التاريخ بالشكل الذي يحقق الفهم دون الحشو والتشتت بين المواضيع والمصادر والتأريخات، فنتعلم من خلال هذه الفكرة دروسا حقيقية تعطينا ضوءا جليا نسترشد به في زمان الفتن هذا.
وهذا يتم عبر تسليط الضوء على 3 محاور رئيسية :
١- دراسة صراع الحق والباطل من خلال تاريخ الأنبياء.
(منذ آدم وحتى محمد عليهم الصلاة والسلام)
٢- دراسة صراع الحق والباطل من خلال تاريخ الإسلام .
(منذ بعثة رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم وحتى سقوط الدولة العثمانية)
٣- ودراسة صراع الحق والباطل من خلال تاريخ اليهود.
(منذ سيدنا يعقوب وحتى مرحلة احتلال فلسطين)
هذه المحاور الثلاث هي التي يمكننا بالنظر فيها استخلاص دروس للفهم والوعي بحقيقة هذا الصراع بين الحق والباطل على مر التاريخ، بل واستخراج أساليب تعامل سليمة لمقاومة الفتن التي تتعاظم الآن بسبب تعاظم هذا الصراع بين فريقي الحق والباطل وقرب اشتعاله.
____________
5- المفاهيم
(الوعي وفقه الواقع)
فهم ما يجري على الأرض سياسيا واقتصاديا وعلميا واجتماعيا، فهما حقيقيا شاملاً مرتبطاُ بالتاريخ وما فيه من صراع مستمر بين الحق والباطل، ثم ربط هذا الفهم بالقرآن والسنة والعقيدة.
وكذلك الوعي بالأخطار التي تحدق بالأمة ومتابعة الأعداء الذين يتربصون بنا ومراقبة مخططاتهم أول بأول بهدف الوقاية وتجنب الشر مخافة أن يدركنا.
وبجانب هذا الفهم يجب تعلم النقد الموضوعي وتصدير العقل الناقد في كل ما يعرض لضمان سلامة الاستقبال وعدم تأثر المتلقي بها سلبا فتلقي في قلبه الشبهات بدلا من توعيته. وزمان الفتن يحتاج هذا العقل الناقد الذي يتفاعل مع الأحداث بعلم ووعي وإدراك.
وبالفهم والنقد الموضوعي كذلك ننتبه لمفسدات الفكر والعقيدة التي تتسرب إلى واقعنا الحالي في البيوت عبر الشاشات ووسائل الإعلام، فنحاصر تلك المفاهيم المفسدة التي تسبب فتنا في الدين، ونقاوم تسللها الخفي إلينا.
______________
6 : التنمية
وهو مساق إثرائي يهدف لتنمية نفس وذهن المسلم ليحوز مهارات تناسب تحديات هذا الزمان. وتشمل :
أ- تنمية نفسية :
فقه النفس وفهمها لتحقيق توازن إنساني بين كل جوانب الذات فتستطيع الثبات أمام أشد الأمور بسبب البناء النفسي القوي ،وتنمية وتزكية هذه النفس بهدف بناء شخصيات قوية فاعلة ومؤثرة في محيطها بالحق من خلال دورات منضبطة شرعيا في هذه المجالات.
وتعليم القيادة الحقيقية النابعة من الوحي وبضوء من قصص الأنبياء والصالحين، حيث منبع القيادة الفعلية لأفراد الأمة برجالها ونسائها صغارا وكبارا.
ب- تنمية عقلية :
تنمية مهارات العقل وأساليب التفكير ليتحرك العقل بشكل سليم ولا تشوشه المدخلات المختلفة المتشابكة في زمان الفتن.
مثل تعلم برامج بناء التفكير المنطقي المنظم كمنهج الكورت ومثيله والاهتمام بجميع فئات الأعمار. وتعلم التفكير الاستراتيجي الشامل من مصادره الشرعية فيسهل قراءة أي مشهد على الساحة والقدرة على الاستنباط والخروج منه بنتائج وخطط واقعية. وتعلم الفراسة وقراءة الجسد من المصادر الشرعية، تلك المهارة العقلية التي كانت متقدة عند العرب حتى من قبل الإسلام، ومع الإسلام تحولت الفراسة التي كانت مجرد آلة في الجاهلية، إلى بصيرة يرى بها المؤمن بنور ربه.. هذه مهارة شبه مندثرة ولكننا سنحتاجها في زماننا القادم، وربما تكون من أسباب الله في النجاة ودفع الشر يوما.
_____________
7 : اللغات
أول ما نتعلم ونتقن هو لساننا وحروف قرآننا..
اللغة العربية هي صوتنا، كياننا، هويتنا، نسبنا، انتمائنا وجذورنا. بدونها نحن بلا هوية ولا وجود، مهما أوجدنا من بدائل لسانية للتواصل تبدو سريعة وعصرية.
والإتقان للعربية، يجب أن يكون قراءة وكتابة وتحدثا واستماعا، وكذلك يجب تعليمها بالغمر للأطفال بشكل حصري في سنواتهم الأولى، فلا يخالطها ألسنة أخرى قدر الاستطاعة ولأطول وقت ممكن.
بعدها يلتفت اللسان للغات الأخرى، وبفقه التعامل مع العالم والتواجد بينهم وفهم أفعالهم، لا بفقه الانسلاخ لهم والاستغناء بلسانهم عن اللسان الأم.
وبذلك تأتي الإنجليزية في ثاني أولويات تعلم اللغات، وليس أولها كما يفعل البعض.
وكذلك يجب على المسلم تعلم لغات الأعداء اقتداءً برسول الله عندما أمر أسامة بن زيد بتعلم لغة يهود، فأتقنها أسامة امتثالا لأمر الرسول في زمن قياسي.
وأعداء اليوم معدودون معلومون تماما، واقتربت المواجهة الحاسمة معهم، ويمكن معرفة أي اللغات تحديدا نتعلمها لمواجهتهم بتتبع أحاديث الملاحم، فبذلك يكون تعلمها ولو بقدر، من خطط التعلم الهامة للزمان القادم.
_______________________
المحور الثالث:
الإعداد العملي
المحور الثالث هو اكتساب المهارات العملية اللازمة لتحديات المرحلة، بتوفير الاستقلالية في العيش وتعلم سبل حفظ الحياة في الظروف الصعبة أخذا بالأسباب لا اعتمادا عليها. “فاتبع سببا”
وفي هذا المحور 11 مساقا قابلة للزيادة حسب الحاجة وهي :
1- الزراعة
مهارة صنع الغذاء. ضرورة لازمة لمواجهة أزمة الغذاء القادمة، ويمكن تحقيق هذا في أي مساحة تملكها مهما صغرت، ويشمل هذا زراعة المنازل، زراعة الشرفات، زراعة الأسطح، زراعة الصوب… إلخ
ازرع المحاصيل الاستراتيجية ببذور غير معدلة وراثيا، ازرع بأسلوب الهيدروبونيك فهو موفر بشدة للماء أو بأسلوب الاكوابونيك فهو يحقق عدة أهداف إنتاجية في نفس الوقت.
ولو استطعت أن تأخذ قطعة أرض صغيرة بعيدا عن المدن تصنع فيها غذاءك بنفسك وتربي حيوانات وترعاها فتستخرج منها طعامك، فهذا من صميم ما أمر النبي في وقت الفتن.
“يوشك أن يكون خير مال المسلم [[ غنم ]] يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن” صحيح البخاري.
_____________
2- الغذاء
ويشمل مهارة إنتاج وصنع الطعام وتخزينه، فيجب أن يتعلم الجميع من كل الفئات العمرية والنوعية في الأسرة والمجتمع كيف يصنع طعاما مغذيا، فهذه مهارة تصب في إعداد جاهزية كل فرد من أفراد الأسرة للأيام الصعبة وحتى الصغار منا.
ومفهوم الغذاء يحتاج لتغيير عند الأغلب، فالمفهوم الذي يحتاج لترسيخ هو أن الغذاء يجب أن يكون للضرورة، ليقيم الفرد حياته بشكل سليم، ويستطيع أن يؤدي مهامه التي كلفه بها الله، فلا يكون الطعام للتسلي ولا للتشهي ولا حتى للعادة.
روى الترمذي في سننه من حديث المقدام بن معدي قال: سمعتُ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: ((ما ملأ آدمي وعاء شرًّا من بطن، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه). الترمذي حسن صحيح
فيتم التركيز بشكل بديل على الغذاء البناء، القليل المغذي الذي لا يأخذ وقتا ولا جهدا طويلا في صنعه، وفي نفس الوقت مليء بالعناصر المفيدة التي تقيم الصلب لفترات طويلة.
وبالتالي هناك قائمة بتلك الاكلات البنائية الضرورية التي يجب أن تعتاد عليها حسب كل أسرة وضروراتها الصحية الغذائية، وهذا سيسهل كثيرا قبول أي ظروف صعبة وقت الفتن.
وبالطبع تعلم أساليب حفظ وتخزين الطعام لفترات طويلة دون تلف، لمواجهة فترات أزمات الغذاء القادمة التي نعلم بقدومها من نصوص السنة.
_____________
3- الرياضة
بنينا الجسم بالغذاء.. نبنيه الآن بالرياضة.
التدريبات الحركية التي تنمي مهارات جسدية محددة لازمة لتحديات المرحلة القادمة.
وبالتركيز على تلك التدريبات بعينها وكل ما شابهها، فهذا يجعلنا نتخلى عن التعلق والشغف بالرياضات الاستعراضية القائمة على العروض الجماهيرية التي تهدف للمتعة وإشغال الفراغ فقط دون هدف حقيقي من ورائها.
فهنا نريد أن نوجه أنظار المسلمين لتعلم رياضات تنمي الجسد فعلا وتحفظه من المهالك، ونركز عليها دون غيرها من الملهيات، فتكون سببا في النجاة وقت الفتن بإذن الله.
______________
4- مهارات البقاء- الكشافة
والتي تعد من أهم المهارات التي يجب أن يتعلمها كل فرد للنجاة وقت الفتن. فقد تجعلنا الظروف فجأة في أماكن غير أماكننا المعتادة، في بيئة مختلفة تماما عن بيئتنا المدنية المرفهة.
فكيف سنتعامل وقتها مع المحيط على صعوبته إلا بتلك المهارات؟!
تلك المهارات كل واحد منها قد يكون سببا في النجاة وحفظ النفس يوما بإذن الله.
______________
5- الطب البديل
والآن نستطيع أن نتخيل مدى صعوبة الحصول على الدواء في الفترات القادمة.
وبالتالي حفظا للأنفس من الفتن يجب إيجاد البدائل الفعالة للحصول عليه وتعلم وسائله واتقانها، لأنها ستكون طبا ودواءا نعتمد عليه اعتمادا كليا وقت الحاجة. وعلى رأس هذه البدائل الطب النبوي القائم على المصادر الصحيحة.
_______________
6- الحياكة
هذه مهارة تجعلك تستغني عن ضغط السوق وتحكماته وتقلباته.
ففي المرحلة القادمة لا مجال للأردية ذات القصات المعقدة المهدرة لمورد النسيج ولا للطبعات المبهرة التي تستلزم تصنيعا مميكنا فاخرا. وهذا نهج موجه خصيصا للنساء اللاتي يفتن غالبهن ريش الملبس وحب الظهور بالرداء.
ولكن أولا نفقه ما نرتديه، فالرداء هو ما يستر البدن بما أمرنا الله، فنرتدي الأبسط والأطهر وما يستر، ونتخفف من عبء زخرف الملبس.
وبالتالي نغزل وننسج الأقمشة ونخيط ونفصل الملابس بأنفسنا وبما يناسب قيمنا ومواردنا. وعليه يجب أن يكون في كل بيت آلة للخياطة تصنع لنا كساءنا، وهذه من وسائل الصمود والاستمرار في زمان الفتن.
____________
7-البِناية
حرفة ومهارة البناء، والتي قد تنقذك يوما وبشكل فعلي إن فقدت مأواك. حيث تتعلم هندسة البناء وأساسياته البسيطة ، وكيفية استخدام الموارد والخامات المتاحة في الطبيعة، واستبدال أسلوب البناء الخرساني المكلف بآليات جديدة مبتكرة وبسيطة، وكذلك العودة للآليات القديمة.
_____________
8- الصناعة
أن تصنع بيدك ما تحتاج، بدون ضغط وتحكمات السوق ويشمل هذا تعلم الصناعات اليدوية الصغيرة وإعادة التدوير والاستخدام للموارد المحيطة، وتعلم الحرف اليدوية الأساسية، وتعلم صنع الأدوات الميكانيكية البسيطة التي تقيم احتياجاتنا الأساسية.
فهذا نجاة ووقاية للنفس من السقوط تحت فتنة الانصياع للنخبة بسبب وطأة الاحتياج.
_____________
9- التجارة
تعلم فقه البيع والشراء من جديد، وعلى أساس شرعي دون أبجديات الاقتصاد الحالي المشوهة.
وكذلك إنشاء أسواق أهلية ومجتمعية بين الناس للتخلص من ضغط السوق، وضغط صعود وهبوط العملة التي يتحكم بها أصحاب المصالح بعيدا عن مصلحة الناس.
فهذا وقت يجب أن نستعيد فيه التعامل بالمال الحقيقي، شيء في يدك له قيمة مباشرة وفورية.. ذهب – فضة – معادن – أراض – عقار – بضائع – محاصيل – حيوانات.. هذه هي الثروات الفعلية. ليس بورق مطبوع بلا قيمة، ولا بعملات رقمية أثيرية. فهذا الأوراق أيامها صارت قليلة وستختفي في زمن الفتن القادم. وستستخدم النخبة العملات الوهمية الهوائية لمزيد من الاستعباد. لذلك العودة للمال الحقيقي والتجارة على نهج الشرع حفظ ونجاة من الفتن.
_______________
10- الطاقة
سيكون توفير الطاقة عسيرا وقت احتكارها من النخبة في الفترة القادمة.
وبالتالي البديل هو أن تصنعها بنفسك، أو أن تستخرجها استخراجا من بيئتك من حولك.
فطاقات الشمس والهواء والماء والأرض متوفرة وتنتظرنا. وبآلات ميكانيكية بسيطة يمكننا أن نستخدمها لاحتياجاتنا. وهي طاقات نظيفة لن تضر حتى مساحتنا وبيئاتنا.
وبتلك الآلات البسيطة ننتج طاقة كهرباء تكفي لتصريف أمور حياتنا، فنتجه لها في التعامل بدلا من طاقة المحروقات البترولية التي ستكون غير متاحة في وقت قريب.
فإنتاج طاقة تغطي احتياجاتك يقيك من اللجوء لمن يريد أن يجبرك على الرضوخ لإملاءاته.
______________
11- الطوارئ والسلامة
البديهيات التي لابد منها وقت الخطر وزمن البلايا، ومنها : تعلم إجراءات الوقاية والسلامة قبل الأخطار، وتعلم طرق النجاة والإنقاذ أثناء تلك حدوث الأخطار. وبالطبع تعلم مهارات الإسعافات الأولية وغيرها.
وبهذا في وقت الفزعة تكون قد تعلمت أن تكون ثابتا بعون الله ومدركا ما يجب عليك فعله لحفظ نفسك، وتكون عونا ونجاة لغيرك وقت النوازل.
______________________
العمل الجماعي:
وبالتزامن مع هذا التأهيل وفي أي مرحلة منه يمكن أن تبدأ عملية التحرك الجماعي. فكثير من خطوات هذا التأهيل الفردي تحتاج إلى التعاون الجماعي لإنجازها ، ولهذا يجب أن يقوم المسلم بالتأثير في محيطه والتعاون مع أقرانه عبر السبل التالية:
نشر هذه الروح من الإيمان والاستعداد وهذا العلم بالواقع وبفتن آخر الزمان في محيط كل فرد منا.
في داخل أسرته أولاً ثم الأقرب فالأقرب من الأقارب والأصدقاء والجيران والمعارف والزملاء، ويتوسع حسب ظروف كل فرد وإمكاناته.
الوصول إلى الأفراد الذين يرون نفس الرؤية ويحملون نفس الهم في هذا المحيط والتعاون معهم لتكوين نواة مجتمعية محلية يتعاون أفرادها مع بعضهم لتوفير الدعم النفسي والاحتياجات الحياتية وكل ما يساعد على استقلاليتهم الذاتية.
المجتمعات التعاونية البديلة:
كنا قد عرضنا تجربة لبعض الأمريكان ممن يرفضون فكرة تغول النظام العالمي ورقمنة كل شيء والسيطرة وتسجيل كافة الأنشطة البشرية وبناء هذا السجن الرقمي حول كل البشر ضمن ما يعرف بأجندة 21 للأمم المتحدة وضمن التغيير العالمي العظيم الذي يقوده المنتدى الاقتصادي العالمي. هؤلاء الأمريكان قد طرحوا فكرة تكوين خلايا مجتمعية من 8 أسر أو 8 أفراد في كل خلية ثم تكوين حلقة أوسع من 8 خلايا تسمى الكادر الأوسط أي يكون بها 64 شخصاً ، ثم تكوين كادر أكبر من ثمانية كوادر متوسطة أي 512 شخصاً (أو أسرة) . وعبر هذه الخلايا والكوادر يمكن توفير الاحتياجات المادية والتبادل التجاري والتعاون على تربية وتعليم الأبناء وغيرها من أوجه التعاون على البر والتقوى، وهي فكرة جديرة بالبحث والتطبيق كوسيلة للخروج من النظام والتحرر من ضغطه، والأمر متروك لكل شخص ولظروفه في منطقته، لكن الفكرة جميلة ومطبقة بالفعل وقابلة للتكرار لمن كان يناسبه ذلك.
- الانتقال أو الهجرة: إذا كانت الظروف الحياتية أو المضايقات الحكومية صعبة في المكان الذي تعيش فيه ، فيجب التفكير في الانتقال لمكان آخر أقل تضييقاً إما داخل الدولة أو حتى الهجرة لدولة أخرى تكون فيها الظروف أفضل. وبصفة عامة فإن القرى أكثر حرية وانطلاقاً من المدن وبالإمكان توفير استقلالية أكبر بالاعتماد على الذات والوسط المحيط بشكل أفضل من المدن. وبالطبع الأمر يعود للشخص نفسه وتقديره لظروفه وإمكاناته.
- توفير مصادر رزق مستقلة وعدم الاعتماد على الوظائف العامة لدى الدولة أو الشركات الكبيرة لأن الحكومات وأصحاب الشركات يفرضون إرادتهم على موظفيهم بشكل يتعدى في أحيان كثيرة على الحريات الشخصية، وبصفة عامة كلما كانت الشركة كبيرة كلما كانت الأمور أصعب. وقد توفر التجمعات البديلة فرصة لزراعة ما تحتاجه تلك التجمعات من غذاء والتبادل التجاري للسلع الضرورية والخدمات التي توفر استقلالية لأعضاء تلك التجمعات.
- تربية الأبناء وتعليمهم استقلالا عن المدارس التابعة للأنظمة واستخدام نظام التعليم المنزلي أو اللا مدرسي، في إطارات متنوعة لتطبيق هذا الاتجاه سواء على مستوى الأسرة الواحدة، أو على مستوى عدة أسر معا متفقون على قيم ومبادئ دينية وتربوية وتعليمية واحدة.
- ضرورة عمل برامج تعليمية خاصة بالأطفال تشمل كل تلك المهارات السابقة في كل المساقات بحيث تناسب فهمهم وقدراتهم. فهم أو أبنائهم من سيستقبلون كل تلك الفتن على شدتها، ويجب أن يتسلحوا بالعلم والعمل للثبات فيها، وهذا هو دور آباء وأمهات الأمة الإسلامية الذين يخشون على أولادهم من الفتن، فبما عرفوا أصبح واجبا عليهم إعداد أبناءهم لزمانهم، وغير ذلك يكن تفريطا في الأمانة.
وكذلك التعاون في زراعة المحاصيل والخضروات بشكل جماعي، التبادل التجاري والخدماتي، العملات البديلة.
وهذه هي الفسائل التي يجب أن يغرسها المسلمون في الأرض لإعمارها كما أمر الله ، حتى وإن قامت عليهم الساعة وهم يفعلون.
“إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها”. رواه أحمد وغيره بإسناد صحيح.
وعد الآخرة
والآن دعونا نتأمل..
إذا أعد المسلم نفسه ومحيطه تبعاً لهذا الإطار، فإننا نرجو أن يثبته الله في زمان الفتن بسعيه وإعداده، وبإذن الله ورحمته.
ولو أن مجتمعا كاملا ينتهج هذا المنهج، كل فرد يحمل مهمة ومجالا، كل واحد له وظيفة وعملا، مختلفين في التخصص، متكاملين في القدرة، متفقين في الوجهة، مع استعانتهم بالله وألا حول لهم ولا قوة إلا به .
[box type=”note” align=”alignright” class=”” width=””]إذن كيف يكون حال هذا المجتمع في زمان الفتن ؟[/box]
يكون أهله ثابتين بإذن الله
وربما تولد بهذا السعي ذلك الجيل المنتظر.. جيل وعد الآخرة.
تم بحمد الله
بالتعاون بين مركز دراسات الواقع والتاريخ
ومنهج الإعداد
….
>>> لتحميل نسخة من الدراسة اضغط هنا
[button color=”green” size=”medium” link=”https://drive.google.com/file/d/1L-jVr-H9nZfUzZmfx9IFppI_NRfNd6hJ/view?usp=sharing” icon=”” target=”true” nofollow=”false”]تحميل الملف[/button]